
معالي/ أحمد الصايغ – وزير دولة
بدأت دول العالم على مر السنوات والعقود الماضية بتبني نماذجها الخاصة للدبلوماسية الاقتصادية، بهدف رسم الإطار الناظم لتفاعل السياسة الخارجية مع المصالح الاقتصادية. وقد ساهم في تحديد النموذج المناسب لكل دولة خصائصها من حيث المساحة والاقتصاد والسكان والقدرات التكنولوجية والعسكرية. كما ساهم في ذلك طبيعة الفلسفة الاقتصادية والسياسية لهذه الدول. فمنها من تطرف في تغليب السياسة على الاقتصاد، عبر منح الأولوية للتوسع والتسلح على حساب رفاه الشعوب، ومنها من اتجه كلياً نحو الاقتصاد، مع غياب سياسة خارجية فاعلة على الأغلب.
في دولة الإمارات، تبنت القيادة العليا، بحكمتها المعهودة، منذ تأسيس الاتحاد، نموذجاً متوازناً وفعالاً للدبلوماسية الاقتصادية، تم من خلاله بناء التأثير السياسي والاقتصادي للدولة بشكلٍ متوازٍ يراعي تعزيز دورها الإقليمي والدولي، ويحافظ على مصالحها الاستراتيجية سياسياً واقتصادياً. وقد تمكنت دولة الإمارات بفضل تجربتها الاقتصادية الناجحة - التي حولتها خلال عقود معدودة إلى مركز تجاري واستثماري عالمي - من لعب دور إقليمي ودولي يتجاوز مساحتها وبناءها الديموغرافي، لتصبح رقماً صعباً في المنطقة والعالم، وصولاً إلى تبوؤ الصدارة في العديد من مؤشرات التنافسية والتجارة والاستثمار، ومبادرات إرساء السلام والازدهار، والشراكات الاستراتيجية.
لقد أدركت دولة الإمارات عبر تجربتها الاستثنائية، أهمية الدبلوماسية الاقتصادية في تحقيق أهدافها الاستراتيجية، حيث تمت ترجمة ذلك بشكل صريح في مبادئ الخمسين، والتي تنص على أن السياسة الخارجية أداة لخدمة المصالح الاقتصادية، وعلى أن هدف السياسة هو خدمة الاقتصاد. هذا التوجه نحو تعزيز دور الدبلوماسية الاقتصادية خلال الخمسين عاماً القادمة، وصولاً إلى مئوية الاتحاد، ينم عن رؤية استشرافية تراعي في صميمها التحولات الرئيسية التي يشهدها العالم في أعقاب جائحة "كوفيد-19"، وحالة الاستقطاب الاقتصادي بين أبرز اللاعبين الدوليين.
هذه التحولات وما يرافقها من فرص وتحديات ترسم مساراً واحداً يعزز من أهمية الدبلوماسية الاقتصادية ويوسع من نطاقها. فبعد أن كانت محصورة بحماية الاستثمارات، وتشجيع التجارة، تبدو الدبلوماسية الاقتصادية اليوم منخرطةً بقطاعات غير تقليدية، مثل مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، وحماية البيانات وتسهيل تدفقها، وتحفيز التجارة الإلكترونية، وتحقيق الأمن الغذائي، وأمن سلاسل التوريد العالمية. وبعد أن كانت الدبلوماسية الاقتصادية مناطةً حصراً بوزارة الخارجية وبعثاتها الخارجية، بدأت اليوم تأخذ منحاً مختلفاً بإشراك مختلف الجهات، بما فيها القطاع الخاص، لصياغة وتطبيق مبادراتها.
وكما هي العادة، تنتهج دولة الإمارات أسلوباً استباقياً في التعاطي مع المتغيرات، وهو ما بدأت ملامحه تتضح عبر مبادئ ومشاريع الخمسين، واستراتيجية وزارة الخارجية والتعاون الدولي لإدارة دفة الدبلوماسية الاقتصادية، والعبور بها نحو التحول المطلوب لمواكبة التطورات العالمية. فابتداءً من استراتيجيات الأمن الغذائي وتنويع الواردات والصادرات، وعبوراً بقيادة جهود تطوير منظومة مكافحة الجريمة المالية، وانتهاءً بتعيين السفراء القطاعيين المسؤولين عن الذكاء الاصطناعي، والثورة الصناعية الرابعة، تضع وزارة الخارجية اللبنات الرئيسية لمرحلة قادمة من الدبلوماسية الاقتصادية الرائدة والمستدامة.
أخبار ذات صلة

رئيس جمهورية الإكوادور يلتقي مبعوث سمو وزير الخارجية
حكومتا الإمارات والإكوادور تبحثان آفاق تعزيز علاقات الشراكة والتعاون البناء
عرض التفاصيل
الإمارات ترحب بتوقيع اتفاق السلام بين جمهورية الكونغو الديمقراطية وجمهورية رواندا
أعربت دولة الإمارات عن ترحيبها العميق بتوقيع جمهورية الكونغو الديمقراطية وجمهورية رواندا اتفاق السلام في واشنطن، مشيدة بأنه سيعزز السلم والأمن والاستقرار في القارة الأفريقية.
عرض التفاصيل
الإمارات وباكستان تعقدان الجولة الثانية من المشاورات السياسية لبحث آفاق التعاون الثنائي
عُقدت في العاصمة أبوظبي الجولة الثانية من المشاورات السياسية بين دولة الإمارات وجمهورية باكستان الإسلامية، برئاسة ريم كتيت، نائب مساعد وزير الخارجية للشؤون السياسية في وزارة الخارجية، وشهريار أكبر خان، وكيل وزارة مساعد لشؤون الشرق الأوسط في وزارة الخارجية الباكستانية.
عرض التفاصيل
المقررة الخاصة للأمم المتحدة المعنية بالعنف ضد المرأة والفتيات تصف التقدم الذي أحرزته دولة الإمارات في مجال حقوق المرأة بـ"الاستثنائي"
أشادت المقررة الخاصة للأمم المتحدة المعنية بالعنف ضد المرأة والفتيات، السيدة ريم السالم، خلال الدورة التاسعة والخمسين لمجلس حقوق الإنسان، بالتقدم الكبير الذي أحرزته دولة الإمارات العربية المتحدة في تعزيز المساواة بين الجنسين وحماية المرأة من العنف.
عرض التفاصيل