الكتاب الصادر عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية تحت عنوان "العلاقات السعودية - الإماراتية في ضوء التحديات المشتركة" يتناول عبر عناوينه الداخلية بداية العلاقات الاستراتيجية بين البلدين، مروراً بالمحطات التاريخية التي جمعت بينهما وصولاً إلى واقع العلاقات على الصعد اقتصادياً وسياسياً وأمنياً، إلى جانب تطلعاتهما المستقبلية المشتركة.
وألقى سعادة السفير الشيخ شخبوط بن نهيان كلمة أشاد فيها بالعمل التوثيقي والاستشرافي البالغ الأهمية الذي قدمه سعادة الدخيل في كتابه، قائلاً: "الكتاب وثيقة هامة تؤشر إلى تاريخ هذه العلاقة، وعمقها، وتقرأ مستقبلها، على كل المستويات بحيث يمكن اعتبار هذا الكتاب مساهمة عظيمة تعزز علاقات البلدين، وتؤثر بشكل إيجابي للغاية". وتابع سعادة الشيخ شخبوط بن نهيان بالقول: "هذه حالة فريدة في العمل الدبلوماسي العربي والدولي، حين يقوم سفير في موقعه، بكتابة كتاب من هذا المستوى حول العلاقات بين بلدين، وهو ما يزال في موقعه سفيراً، ولا يبدو هذا غريباً من جانب شخصية بارزة مثل الأستاذ تركي الدخيل الذي نعرفه فارساً للكلمة، بكل مقالاته التي كنا نقرأها سابقا قبل توليه مهام العمل الرسمي، أو عبر بصماته في المواقع الإعلامية التي شغلها في الإعلام".
من جهته قال سفير خادم الحرمين الشريفين لدى دولة الإمارات العربية المتحدة، سعادة تركي الدخيل: "أشكر الشيخ شخبوط بن نهيان، سفير دولة الإمارات العربية المتحدة لدى المملكة، على كرم الدعوة، والتي تأتي امتداداً للعمل المشترك الذي تقوم به سفارة السعودية في الإمارات، وسفارة الإمارات في السعودية، ما يؤكد وحدة مواقف البلدين في القضايا الإقليمية، والعربية، والعالمية، تأكيداً على التحالف السعودي- الإماراتي، الذي يشكل أنموذجاً يحتذى به عربياً وإقليمياً".
واعتبر السفير الدخيل أن هذا الجهد المشترك والعمل الواحد بين الفريقين في السفارتين، يمثل أيضاً نموذجاً حديثاً في العمل الدبلوماسي المتكامل بين سفارتين لدولتين تقدمان عملاً مشتركاً فريداً، يصب في مصلحة البلدين وقيادتيهما وشعبيهما، في امتدادٍ لنسيجٍ اجتماعي وإنساني واحد. وشكر سعادة الدخيل، الذي وقع للجمهور كتابه الصادر عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية في أبوظبي، الحضور الكريم، على تكريمه بالمشاركة في هذه المناسبة الثقافية، التي تزيد من أواصر التآلف، واللحمة بين البلدين، والشعبين الشقيقين.
وتخلل الحفل لقاء حواريا بين سعادة السفير تركي الدخيل والحضور، ألقى خلاله سفير المملكة في الإمارات الضوء على جوانب من الكتاب، مستعرضاً الركائز السياسية والاقتصادية والتاريخية للعلاقات بين البلدين في ضوء واقع المنطقة ومستقبلها.
يستعرض كتاب "العلاقات السعودية - الإماراتية في ضوء التحديات المشتركة": الصادر في 102 صفحة من القطع المتوسط تاريخ العلاقات بين الإمارات والسعودية، والتي يحكمها، كما مع كل بلدان الخليج العربية، "تشابه التكوين الاجتماعي، والإنساني، واللغوي، والجغرافي، والتاريخي. وتعود هذه العلاقة، قبل كل قيام كل من الدولتين في شكلها الرسمي الراهن، وتطورت لاحقاً؛ مما جعل التنسيق المشترك بينهما نهجاً في تدبير الشأنين العربي والإقليمي.
وقد بُني هذا التنسيق، كما يذكر الدخيل، "على رصيد من الواقعية، المستمدة من الخبرة السياسية للدولتين، وتجاربهما الداخلية" واصفا إياه بأنه "ذاكرة الأخلاق السياسية للتحالفات في عقل صانعي القرار".
ويشير الكتاب إلى أن فهم التحالف وتفسيره "لا يقتصران على سرد المصالح الراهنة فقط، بل العودة إلى المعطيات التاريخية، التي تكشف عن قيمة فكرة (الأحلاف) في العقل السياسي والاجتماعي للدولتين." ويستعرض سعادة الدخيل في الكتاب التعاون الاقتصادي بين البلدين، باعتباره ركيزة مهمة في توطيد التكامل بينهما، إذ شكلت الإمارات ثالث أكبر مورد إلى المملكة وسادس أكبر مستورد منها في عام 2017، بنسبة 7 في المائة من إجمالي الصادرات السعودية، كما تصدرت الإمارات في الربع الأول من عام 2019 الشراكات التجارية للمملكة مع الدول العربية. وتطرق سعادة الدخيل أيضاً إلى تعاون البلدين على مستوى مكافحة التطرف والإرهاب، مع تأسيس المملكة بقيادة صاحب السمو الأمير محمد بن سلمان، ولي العهد وزير الدفاع، إلى إنشاء التحالف الإسلامي العسكري لمكافحة الإرهاب، وكانت الإمارات من أولى الدول الحاضرة بقوة فيه، إلى جانب تأسيس المركز العالمي لمكافحة الفكر المتطرف (اعتدال).
ويذكر سعادة الدخيل أن التحالف السعودي - الإماراتي في مكافحة الإرهاب تجسد في اليمن من خلال "عاصفة الحزم" لدعم الشرعية في هذا البلد، وكذلك في دعمهما جهود مكافحة الإرهاب في الساحل الأفريقي، بالإضافة إلى جوانب أخرى عرفت تعاوناً وثيقاً بين البلدين، ومنها الجانب الإعلامي، حيث اعتمدت السعودية والإمارات استراتيجية مباشرة في وأد الإشاعات والأخبار الكاذبة التي تطال البلدين. ويتناول الدخيل مستقبل العلاقات بين البلدين، ويشير إلى استحالة تجاهل سياسات المحور المضاد لمحور الاستقرار السعودي الإماراتي، حيث يعمل على التثوير ودعم التطرف واستغلال الجماعات السياسية المستندة إلى الدين المسيس، مما دمر الاستقرار في بعض الدول العربية وحولها إلى دول فاشلة.
يختم الدخيل بالتأكيد على أن نموذج العلاقات السعودية الإماراتية ناجح، ويشكل مقالا واقعيا وحقيقيا لتطور العلاقات العربية -العربية، ويعيد لهما الفضل في إعادة التعاون العربي، وإحياء مؤسسات العمل المشترك. وهو يرى أن العلاقات بين البلدين تعيش اليوم أزهى عهودها، ويعود خيرها على الإنسانية جمعاء.